Pages

2019-05-11

مزادات عالميّة وسباقات دوليّة ومحليّة للحمام الزاجل في العراق

مزادات عالميّة وسباقات دوليّة ومحليّة للحمام الزاجل في العراق



شهدت محافظة البصرة في 15 آذار/مارس من عام 2019، إقامة مزاد للحمام الزاجل نظّمته هيئة PIPA العالمية، التي تجمع هواة الحمام الزاجل في العالم ومقرّها في بلجيكا. وشارك في المزاد المئات من هواة تربية هذا النوع من الحمام من مختلف محافظات العراق، وتمّ خلاله بيع عشرات الطيور المستوردة من أوروبا بآلاف الدولارات، ومنها: شراء حمامة بسعر أكثر من 11 ألف دولار أميركيّ من قبل أبو مهدي العبودي، الذي قال خلال حوار مع  "المونيتور": "إنّ مجموعة الطيور التي أمتلكها فيها ما هو أغلى من ذلك. لديّ واحدة يصل سعرها إلى أكثر من 13 ألف يورو من بين نحو 400 من طيور الحمام التي أمتلكها وأغلبها من سلالات عريقة، تتميّز بقدرة مذهلة على العودة إلى موطنها، بعد أن تقطع مسافة مئات الكيلومترات".
أضاف: "إنّ الحمامة، التي اشتريتها في مزاد البصرة، هي من نوع البروس المعروف عالميّاً، وهي من أندر أنواع الحمام وأغلاها".
وفصّل أبو مهدي العبودي اتصالاته مع مدير هيئة PIPA العالمية البلجيكيّ نيكولاس جيزيلبريخت بالقول: "إنّ سعر حفيد البروس في بلجيكا هو 3500 يورو للفرخ الواحد، لكنّي تمكّنت من توفير أسعار أقلّ للهواة العراقيّين، عبر التزاوج بين الطيور التي أمتلكها، ليصل سعر الفرخ الواحد إلى نحو 2000 دولار، وهو مكسب للهواة".
وتحدّث عن "اتّساع واسع لهواية تربية الحمام الزاجل وإشراكه في المسابقات المحليّة والدوليّة"، وقال: "لقد تحقّقت نتائج متقدّمة في السرعة والدقّة في سباقات القرنة والبصرة، الأمر الذي يعتبر تطوّراً مهمّاً في كفاءة مربّي الطيور العراقيّين".
أضاف: "في سباق بغداد الدوليّ، الذي نظّم في 3 نيسان/إبريل من عام 2019 برعاية وكلاء الشركة المنتجة لجهاز بينزنك الحافظ لقواعد بيانات الطيور، تمّ فيه إطلاق الحمام من بغداد إلى الكويت، قاطعاً مسافة تزيد عن 600 كيلومتر".
وعن تفاصيل التنظيم، قال العبودي: "إنّ السباقات قسّمت إلى فريقين: الأوّل هو السباق لمسافة لا تبعد عن 385 كيلو جوّاً، والثاني يقطع فيه الحمام المسافة إلى مدينة الفاو، والبالغة نحو 560 كيلومتراً جوّاً".
أضاف: "لقد تجاوز عدد مربّي الحمام الزاجل الـ25 ألف هاو في العراق، فيما تصل النوادي الى نحو 200، يضمّ كلّ واحد منها بين 10 و150 عضواً".
وأشار إلى أنّ "النوادي تصنّف بحسب أجهزة حفظ بيانات الطيور التي تستخدمها. وفي العراق، فإنّ الشائع هو أجهزة بينزنك الألمانية وجهاز برايكون، التي تتيح تجهيز الحمام وتسجيله في النقاط المشتركة العالميّة، الأمر الذي يتيح التعرّف عليها وتدريبها لموسم السباق".
ولقد أمّن العبودي اتصالاً لـ"المونتيور" مع ممثّل هيئة PIPA الدوليّة للحمام الزاجل في الشرق الأوسط مرتضى الشريف، الذي قال في حديث لـ"المونيتور": "هناك تطوّر ملحوظ في هواية تربية الحمام الزاجل في بلاد ما بين النهرين وإعداده بصورة احترافيّة للسباقات".
واعتبر مرتضى الشريف أنّ "العراق هو منبع الزاجل الأوّل، وقد نجح المربّون العراقيّون في إنتاج دماء وسلالات مميّزة"، وقال: "إنّ الهاوي العربيّ والعراقيّ اعتلى المزادات العالميّة المتمثّلة بمزاد البيبا الدوليّ، الأوّل عالميّاً، واقتنى أفضلها وأجودها دماء وتقييماً".
وأشار إلى أنّ "مزاد بيبا هو أوّل الجسور الاحترافيّة بين الشرق الأوسط والدول الأوروبيّة".
"لم تشقّ هواية الحمام الزاجل طريقها بسهولة في العراق بسبب عوامل اجتماعيّة وظروف اقتصاديّة"، وفق الباحث الاجتماعيّ في جامعة بغداد أحمد الذهبيّ، الذي قال أيضاً لـ"المونيتور": "إنّ تربية الحمام من الهوايات القديمة في العراق، حين كان هواة الطيور يدرّبونها بطريقة فطريّة".
أضاف: "إنّ النظرة الى مربّي الحمام في الماضي كانت تشوبها السلبيّة والنظرة الدونيّة، لكنّها في الوقت الحاضر تحوّلت الى هواية رياضيّة يفخر بها الأفراد، فضلاً عن تحوّلها إلى تجارة واستثمار".
هذا التغيّر الإيجابيّ في تربية الحمّام أدّى الى توسّعها كهواية وتجارة. ومن ذلك، أنّ أحد مربّي الطيور في محافظة كركوك، بـ30 تمّوز/يوليو من عام 2018، بلغ رقماً قياسيّاً ببيعه زوجاً من طيور الزاجل المسمّى بـ"الكويتي" بسعر 6 آلاف دولار.
لقد تجاوزت هذه الهواية منافعها الرياضيّة والتجاريّة والمتعة إلى أهداف سياسيّة واجتماعيّة، اذ استخدمت مسابقات الحمام الزاجل في تجاوز المحدّدات الطائفيّة بين أبناء البلد الواحد. ففي 19 كانون الثاني/يناير من عام 2019، شهد قضاء الفلّوجة في محافظة الأنبار مسابقة للحمام الزاجل، الذي انطلق من مدينة الناصريّة. واعتبرت هذه الفعاليّة، التي أطلق فيها أكثر من 2000 من الحمام الزاجل، تعبيراً عن السلام والتآخي بين جميع أبناء العراق.
وعن الأهداف الإنسانيّة أيضاً، كشف العبودي عن تبرّعه مع مجموعة من الهواة بأرباح مزاد الطيور، الذي نظّم خلال عام 2017، والتي بلغت 15 ألف دولار، إلى عوائل شهداء الحرب على تنظيم "داعش"، وقال: "إنّ الوكلاء المستوردين لأجهزة قواعد البيانات الأجنبيّة، والذين يمثّلون الشركات العالميّة، هم الذين ينظّمون السباقات، مع ما يمتخض ذلك من مصالح تجاريّة، ويجعل من توحيد الهواة والمربّين في مشروع واحد أمراً صعباً".
ودعا إلى "تأسيس اتحاد وطنيّ يضمّ كلّ الأندية والهواة".
من جهته، قال معاون المدير العام في دائرة بيطرة بابل الدكتور ثامر الخفاجي لـ"المونيتور": "إنّ الطبّ البيطريّ في العراق يوفّر أغلب الأدوية والخدمات الصحيّة للحمام الزاجل".
أضاف: "إنّ الأدوية باهضة الثمن على المربّين وتحتاج إلى دعم حكوميّ. كما أنّ هناك حاجة إلى تنظيم عمليّات فحص دوريّة للطيور لتجنّب خسارة المربّين لها، الأمر الذي يوجب المحافظة عليها ورعايتها صحيّاً".
وأشار إلى أنّ "الخدمات الصحيّة في هذا الصدد ارتجاليّة وتفتقر إلى التخطيط والعلميّة".
وإنّ "المونيتور"، الذي استقصى آراء عدد من هواة الحمام الزاجل في العراق، وجد أنّها تتّفق على الحاجة إلى التقنيّات الحديثة والرعاية الصحيّة لثروة طيور الحمام الزاجل والتطوير كي تجعلا منها رياضة وطنيّة تتنافس على الجوائز مع الفرق العالميّة.

بقلم عدنان أبو زيد


تعليقــات زوار الفايسبوك :